الطوارق (يسمون أنفسهم: كَلْ تَمَاشَقْ، كَلْ تَمَاجَقْ، كَلْ تَمَاهَقْ) هم الأمة الأمازيغية التي تستوطن الصحراء الكبرى، في جنوب الجزائر، وأزواد شمال مالي، وشمال النيجر، وجنوب غرب ليبيا، وشمال بوركينا فاسو. والطوارق مسلمون سنيون مالكيون، ويتحدثون اللغة الطارقية بلهجاتها الثلاث: تماجق، وتماشق، وتماهق. عرقيا يمكن وصف الطوارق بأنهم جنس أبيض مع ميل إلى السمرة. عاش الطوارق حياة بداوة عريقة في الصحراء الكبرى منذ آلاف السنين ولا يزال بعضهم إلى اليوم متمسك بنمط العيش هذا بسبب التهميش الذي عانوه من الدول التي تقاسمت أراضيهم. عرف الطوارق بتسميات عديدة في مراحل تاريخية متلاحقة، ففي عصور ما قبل التاريخ عرفوا بالجرمنتيين، وفي أوائل العصر الإسلامي عرفوا بالملثمين، ثم المرابطين، وأخيرا في العصر الحديث عرفوا بالطوارق.
الأمازيغ والطوارق على وجه الخصوص هم أخلاف الجرمنتيين الذين استوطنوا الصحراء الكبرى في جنوب ليبيا وجنوب الجزائر منذ آلاف السنين، ولا تزال آثارهم باقية إلى يومنا هذا في جبال تاسيلي وجبال تادرارات وجبال آهقار.[2] وقد قسم النسابة الأمازيغ إلى قسمين كبيرين: البرانس والبتر. ونسبت صنهاجة – التي ينتمي إليها الطوارق – إلى الأمازيغ البرانس.
لغتهم
طوارق الشعب الطارقي شعب مسلم من أصل سامي احتفظ بهويته الحضارية الأصلية وتماشق لغته الوطنية وحروف هذه اللغة تسمى (تيفيناغ) تجعل منه أحد الشعوب الإفريقية النادرة التي تمتلك أبجدية نظيفة يرجع وجودها إلى ثلاثة آلاف سنة قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام تقريبا . كما تشهد على ذلك الكتابات والنقوش التي تمثل الصحراء وأفريقيا الشمالية
واللغة الطارقية هي الوحيدة من بين اللغات الأمازيغية التي حافظت على جذور الأمازيغية التي أميتت.
موطنهم ودينهم
يقع موطن الطوارق في جنوب الجزائر، وجنوب غرب ليبيا، وشمال مالي، وشمال النيجر، وشمال بوركينا فاسو. وتمتاز مناطق الطوارق في هذه الدول بأنها مناطق صحراوية الأكثر جفافا والأقل سكانا من غيرها من مناطق الدول المذكورة، ولكن بالرغم من ذلك فإن هذه المناطق تحوي أكبر مخزون للطاقة في إفريقيا.
الطوارق مسلمون سنيون مالكيون، ولقد كان لهم دور في نشر الإسلام عندما أسسوا مملكة أودغست، ومن بعدها دولة المرابطين، ثم مدينة تينبكتو التاريخية التي غدت من أكبر مراكز الإشعاع الحضاري والديني، ومركزا فريدا من مراكز التجارة في المنطقة بأسرها. كان إسلام صنهاجة اللثام الذي بدأ في عهد عقبة قد اشتد وتأكد في عهد الأدارسة، ووضح إسلام أهل اللثام وضوحا تاما في القرن الثالث الهجري، على ما ذهب إليه ابن خلدون. وقد اتبعوا مذهب الإمام مالك بن أنس الذي شاع في بلاد المغرب منذ القدم.
سبب تسميتهم بالطوارق
اختلف المؤرخون في تسمية الطوارق بهذا الاسم فمن قائل أن سبب تسميتهم بالطوارق نسبة إلى طروقهم الصحراء وتوغلهم فيها، ومن قائل أن سبب التسمية هو انتسابهم إلى طارق بن زياد ، والراجح أن اسم (طوارق) ومفرده طارقي، أو تارقي، أو طارجي، نسبة إلى تارجا، والتي تعني الأرض الغنية بمنابع المياه، وهي منطقة واحات فزان التي كانت تحوي أكبر مخزون للمياه الجوفية في الصحراء الكبرى منذ أقدم الأزمان ولا تزال كذلك حتى اليوم. لا يسمي الطوارق أنفسهم بهذا الاسم، بل يطلقون على أنفسهم اسما مستعارا من تراثهم وتاريخهم وتجربتهم ولغتهم هو إيموهاغ (كما ينطقه طوارق ليبيا والجزائر)، أو إيموشاغ (كما ينطقه طوارق مالي)، أو إماجغن (كما ينطقه طوارق النيجر)، ومفردها أماهغ، أو أماشغ، أو أماجغ على الترتيب وتعني كلها الغريب، أو النبيل، أو الضائع، المحروب المغلوب على أمره.
ثقافتهم
ليس للطوارق أدب مكتوب – إذا ما استثنينا عدد من الأعمال المرجعية التي قام بجمعها بعض المستشرقين قبل قرن من الزمان، أو الأعمال الصادرة حديثا التي قام بجمعها باحثون من الطوارق أو باحثون غربيون، أو ما ينشره الشاعر الطارقي محمدين خواد – تتناقله الأجيال، وإنما لهم أدب شفوي ينتقل من جيل إلى جيل بالمشافهة. وللطوارق آداب في شتى صورها شعرا ونثرا وقصصا ومسرحيات صغيرة ونوادر وأمثالا وحكما ، ويمتلك الطوارق أدب نثري قوامه القصص التاريخية والبطولات والأساطير الشعبية.
للطوارق آلات موسيقية يعزف عليها الحذاق من طبقة الحرفيين في الأفراح والأعراس، منها: التيندي وهي آلة إيقاع، وكذلك إمزاد أهم آلة موسيقية لدى الطوارق وهي آلة موسيقية وترية تشبه الكمان تعزف النساء فقط عليها. وقد أدرجت هذه الآلة وما يتعلق بها من مهارات ضمن لائحة التراث العالمي الثقافي اللامادي للإنسانية.
أكثر فنون الطوارق تكون في شكل المجوهرات والحلي، وزخرفات السروج المعدنية والجلدية التي تسمى (تريكت)، وكذلك السيوف. طبقة الحرفيين (إينهضن) هي التي تمتهن هذه الحرف اليدوية، من بين منتجاتهم السيف الطارقي المسمى (تاكوبا)، والعديد من القلائد المصنوعة من الذهب أو الفضة والمسماة (تاسغالت)، والأقراط التي تسمى (إزابان)، وكذلك الصناديق ذات الزخارف الحديدية والنحاسية المعقدة التي تستخدم لحمل الأمتعة.
العيش في الصحراء يستلزم من الطوارق أن يأكلوا ما يجدونه، لذا فغذاؤهم غير معقد وهم صبورن على الجوع والعطش، وغذاؤهم الأساسي اللحم والحليب ومتى وجدوا هاتين المادتين لا يطلبون سواهما، ويأكلون الذرة والدخن، وفي الشمال يأكلون القمح والشعير في مناطق آزجر، وآير، وآهقار، وهم حريصون على تناول طعامهم بالملاعق. اللحم المشوي أساسي لدى الطوارق فهم يشعلون النار ويضعون اللحم في الرمل الحامي حتى يصير أقرب للنضج فيخرجونه ويأكلونه، وهم لا يأكلون الدجاج ولا بيضه.