Home / Articles / صوم يوم الأحد في الصوم الرباني الكبير (الأربعيني)

صوم يوم الأحد في الصوم الرباني الكبير (الأربعيني)

صوم يوم الأحد في الصوم الرباني الكبير (الأربعيني)

القس د. أبريم الخوري فيليبوس ش. داود
كاهن رعيتي مار عوديشو ومار قرداغ

هل نصوم يوم الآحاد في الصوم الأربعيني؟
كثيرًا ما يتساءل المؤمنون هذا السؤال وقد كَثُرَت الاجتهادات للإجابة عليه، فعلى الرغم من أن المجمع الثامن لمار دنخا المنعقد في عام 2001 قد قطع الشكّ باليقين عندما قرر أنه في يوم الآحاد من الصوم، هو صوم من كل الأطعمة الحيوانية، ولكن يجب أن لا نصوم فيه الى المساء (لا يكون مَبيَثتا “ܡܒܝܼܬܐ” الى المساء) .
وللحصول على الإجابة من قوانين كنيستنا القديمة التي هي قوانين رسمية لكنيسة المشرق الاشورية والكنيسة الشرقية القديمة، وهي أيضاً وفي الوقت ذاته، احدى المصادر القانونية للكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، رأيت أنه من المهم توضيح هذا الموضوع استنادًا لهذه القوانين. قريبًا سأكتب عن كل الأصوام في كنيسة المشرق وبشيء من التفصيل.
قسّم مار عبديشوع الصوباوي الصوم الى قسمين، الخارجي وهو الإنقطاع أوالإمتناع عن الطعام؛ والداخلي وهو الإمتناع عن الشرور . والصوم الخارجي الطقسي هو إنقطاع عن الطعام الى المساء، اي بعد صلاة المساء عند غروب الشمس.
فبالرغم من ان آباء الكنيسة، قد منعوا الصوم بصورة عامة في أيام الآحاد والسبوت على مدار السنة، لأسباب سيتم ذكرها لاحقًا، إلا أنهم أعطوا ميّزة وخصوصية لهذه الايام التي تقع في فترة الصوم الرباني. فقد أوجبوا عدم الصوم فيها الى المساء، بشرط عدم تناول الأطعمة الحيوانية.
بالإضافة الى ذلك، فأن الكثيرين لا يعرفون ان القوانين، تمنع الصوم في يوم السبت، ايضاً، وليس فقط في يوم الأحد.
في مختصر القوانين السنهادوسية يقول مار عوديشوع “…أمرالآباء بأن لا يكون هناك صوم يوم الأحد…” فإذا رجعنا الى قوانين الآباء التي ذكرها مار عبديشوع نفسه وهي من القوانين المنسوبة الى الرسل، نرى ان المقصود بها عدم الصوم والإنقطاع عن الطعام حتى المساء، وليس معناه أكل اللحوم والأطعمة الحيوانية؛ لأن القانون يقرر وبشكل واضح وصريح على عدم الصوم أو الإنقطاع عن الطعام الى المساء (مَبيَثتا ܡܒܝܼܬܐ) “ܐܢ ܐܢܫ ܩܠܝܪܝܩܐ ܡܫܬܟܚ ܕܨܐܡ ܚܕܒܫܒܐ ܐܘ ܫܒܬܐ ܥܕܡܐ ܠܪܡܫܐܬܗܘܐ ܩܬܪܣܝܣ ܕܝܠܠܗܙ يُقترس (يعزل) الاكليريكي إذا تبين انه صام يوم الأحد أو السبت الى المساء (الرمش)” ؛ ويتضح هنا انه يمنع الصيام “الانقطاع التام عن الاكل الى المساء” في آحاد الصوم الكبير وانه يجب تناول الاطعمة النباتية بعد القداس صباحاً، وليس الحيوانية، طيلة ذلك اليوم.
كما نرى أيضاً في غالبية القوانين الكنسية، دليل ثاني يثبت أن معنى عدم الصوم، هو عدم الإنقطاع عن الطعام الى المساء، لانه غالباً ما كانت في القوانين تفرض الى جانب عدم الصوم في أيام الاحاد، عدم الصوم في أيام السبوت أيضاً!! فهل معنى ذلك أن لا نصوم السبت أيضًا ويجب أن نأكل اللحم؟!! أم معناها أن لا نصوم الى المساء؟!! إذًا فالقانون مَنَع الصوم حتى المساء في يوم السبت كما مَنَعه في يوم الأحد؛ باستثناء الصوم في سبت واحد، هو سبت النور ؛ كما هو مبين في القوانين التالية:
يقول قانون الرسل “في إنه أي إنسان من الأقليريقيين إن وجدَ وقد صام يوم الأحد أو يوم السبت دون باقي الأيام سوى سبت واحد يُقترس وإن كان من العلمانين يمنع من الإختلاط بالجماعة”
ܩܢܘܢܐ ܕܫܠܝܚܐ “ܐܢ ܐܢܫ ܩܠܝܪܝܩܐ ܢܫܬܟܚ ܕܨܐܡ ܒܚܕܒܫܒܐ ܐܘ ܒܫܒܬܐܝܬܝܪ ܡܢܚܕ ܬܗܘܐ ܩܬܪܣܝܣ ܕܝܠܗ، ܐܢ ܕܝܢ ܥܠܡܝܐ ܗܘ ܢܬܦܪܫ” .
القوانين الرسولية: ” يجب ان تحافظوا على سبت واحد في كل سنة، هو السبت الذي كان فيه الرب في القبر، فصوموا في هذا اليوم ….” .
بالإضافة الى ذلك فأن القوانين الكنسية تفرض الاستمرارية في الصوم الكبير وعدم إنقطاعه؛ فعندما يتحدث القانون عن إجبارية الصوم في خميس الفصح، يقول في القانون: “…يجب أن نصوم كل فصل الصيام الكبير ولا نتناول فيه إلا الأطعمة النباتية” . ويقول قانون آخر “… يجب أن يوفى الصوم بأسره بأكل الخبز اليابس” . هذا دليل ثالث على ان الصائم يجب أن يستمر بالصوم بدون انقطاع منذ بدايته الى نهايته بتناول الاطعمة النباتية حتى في أيام السبوت والآحاد.
ذَكرَت قوانين كنيسة المشرق أسباب متعددة جعلتها تمنع الصيام يوم الأحد منها :
1- لكي لا يكون المؤمنين على مثال المانيين الناكرين للقيامة، لانهم كانوا يصومون يوم الأحد ضد المسيحيين.
2- لا يصوم المؤمنين على أمل تصرف فاضل أو بعلامة الاحتقار.
3- لأن يوم الأحد هو يوم فرح، فعلى المؤمنين الفرح بالتسابيح والتأمل في الإلهيات، ويمتّعوا أجسادهم بالأكل والشرب والملبس أكثر من كل أيام الاسبوع.
على الرغم من أن القوانين منعت الصوم بصورة عامة في الآحاد والسبوت على مدار السنة للأسباب التي ذكرناها سابقاً، الإ أنه يتضح من القانون اعلاه أن الآباء أرادوا أن يعطوا ميّزة وخصوصية للآحاد والسبوت التي تقع في فترة الصوم الكبير، تقديرًا لصوم الرب، ورغبةً منهم لإستمرارية الصوم في هذه الفترة وعدم إنقطاعه، فقد قرروا عدم الصوم الى المساء، بشرط عدم تناول الأطعمة الحيوانية فيه، واعتبروا ذلك كسراً وتدنيسًا لكل ذلك الفصل المقدس .
من الجدير بالذكر، انه على الرغم من ذلك فان القوانين، قد سمحت للمؤمنين الصيام في يوم الأحد (الصوم الى المساء)، لكن بشرط أن لا يصوموا بسوء نية وعلى مثال المانيين أو بدعوة التزهد “ܫܘ:ܐܢ ܫܠܝܛ ܐܢܫ ܠܡܨܡ ܒܚܕܒܫܒܐ ܡܛܠ ܥܝܕܐ ܕܐܬܥܝܕܘ؟ ܫܪܝܐ:ܫܠܝܛ ܐܢܗܘ ܕܠܘ ܒܡܚܫܒܼܬܐ ܒܝܫܬܐ ܘܡܢܝܼܢܝܬܐ ܨܐܡ” .
وعن سبب عدم الصيام في يوم السبت أيضًا، فبالإضافة الى الأسباب التي ذكرناها أعلاه، وحسب اعتقادي ولكون اليوم الطقسي في الكنيسة يبدأ من صلاة المساء (صلاة الرمش) عند غروب الشمس استنادًا الى الكتاب المقدس سفر التكوين 1: 5 ” وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا وَاحِدًا”، فإننا إذا صمنا في يوم السبت الى مسائه، فاننا سوف ندخل في يوم الأحد ونحن لازلنا صائمين، لذلك يجب أن نُحل من الصوم الى مساء يوم السبت، قبل صلاة المساء، (صلاة مساء يوم الأحد التي نصليها في يوم السبت مساءً).

القس د. أبريم الخوري فيليبوس ش. داود
كاهن رعيتي مار عوديشو ومار قرداغ
بغداد 7-3-2017

Check Also

الثعالب الصغار، المفسدة للكروم

ليس مهماً أن نعرف ضرر الثعالب الصغار التي تتسلل الى الكروم، لكن الاهم أن ندرك …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *