مار بنيامين شمعون في قودشانس
مار بنيامين شمعون، الجاثليق البطريرك لكنيسة المشرق للاشوريين، كان في سن الواحدة والثلاثون عند اغتياله. فقد خلف سلفه(مار رويل شمعون) في سن الثامنة عشر ولمدة خمسة عشر عاما شغل المنصب البطريركي في قودشانس. اما امه فهي “اسيت” ابنة قمبر من “ايل” وهو مالك اشوري وشماس في كنيسة المشرق ووالده هو ايشاي سليل العائلة البطريركية. تلقى تعليمه الابتدائي على يد استاذ من تخوما اسمه داوود الذي كان شماسا في كنيسة المشرق ثم تُوج اسقفا باسم مار ابرم الذي كان بالاظافة الى علمه الغزير معروفا بالتقوى والاخلاص وكذلك كان مطلعا على العلوم السياسية والدبلوماسية الدولية.
وأصبح من المعروف بأن لا رجل اعظم من مار بنيامين شغل منصب بطريرك كنيسة المشرق منذ مار شمعون الثاني المعروف باسم بارصباعي (341-328) الذي عمل واستشهد في عهد شابور المجوسي .
مار بنيامين شمعون في سلامس
وصل مار شمعون ومرافقيه المئتين من الفرسان الى سلامس خلال الاسبوع الاخير من شباط 1918 حيث استقبله الاشوريون والارمن. بعد وصوله بفترة قصيرة زاره مبعوثان من السلطة الايرانية في تبريز، أخبروا قداسة البطريرك برغبة ايران فتح ابوابها كملجأ للآشوريين إلا انهم تمنوا عقد اتفاق صلح مع المسلمين الذين يقومون بإثارة الفتن وذلك لتثبيت الامن في المنطقة. كان البطريرك مار بنيامين شمعون متلهفا للسلام لمنع اراقة الدماء وصيانة السلام مع جيرانه المسلمين وراغبا اكثر من اي وقت مضى في اظهار سلوكه المسيحي. وبتواضع اعلن قراره زيارة سمكو في مقره- بالرغم من تحذيرات القائد العسكري داوود شمعون شقيق البطريرك والقائد العسكري بطرس ايليا.
مار بنيامين شمعون شهيداً
في اليوم الثالث من آذار ركب البطريرك عربته برفقة 150 فارسا تحركوا باتجاه مقر الشيخ الكردي سمكو. لقد اراد قداسته ان يطمئن قاطع الطريق الى نية الاشوريين في السلام ويدلل على ان الرغبة في العنف ومخالفة القانون غير موجودة. ولكن المواقف النبيلة والشجاعة لهذا البطريرك العظيم لم يكن هناك ما يقابلها.
اخبار مغادرة مار شمعون سبقته، وقبل وصوله قام المجرم الكبير وهو غير مصدق بوضع سبعمائة من امهر الرماة من رجاله في مواقع حساسة مع اوامر بالرمي الفوري باتجاه عربة البطريرك عندما يغادر منزل الشيخ بعد انتهاء الزيارة. لا خادم رحب بسيده باحترام وتبجيل كما فعل سمكو مع البطريرك ورافقه الى الداخل. حيث صاحبه اثنان من مرافقيه وبقي الاخرون في الخارج. ان الغياب الواضح للاكراد من مشارف ديوان الشيخ زاد من حذر الاشوريين. اثناء هذا اللقاء الودي بين البطريرك والشيخ الكردي قام احد الرجال المرافقين لـ مار شمعون في الداخل لينظر من الشباك فلاحظ وجود اكراد مختفين فوق السطوح المجاورة. ادراكا لخطورة الوضع فقد همس للبطريرك بالاشورية ” ان نهايتنا محتومة يا سيدي فدعني اقتل هذا الرجل (سمكو) لأثأر لدماءنا التي ستراق بالتاكيد” رد البطريرك بابتسامة الشك طالبا من المرافق ان يهدئ. لكن المرافق الاشوري كرر “سيدي سيقتلوننا بلا ريب، دعني اقتله فلربما استطعنا انقاذ حياتك” منعه البطريرك مرة آخرى. ثم وقف مغادرا برفقة سمكو الى الباب، صافح الاخير يد ضيفه وعاد الى البيت. وبينما مار شمعون يركب عربته محاط بمرافقيه، بدأ السبعمائة باطلاق النار كلهم في نفس الوقت على الضحايا الآمنين. سته رجال منهم فقط نجوا ليرووا المأساة ويقصوا ما حدث للبطريرك الشهيد المغدور به.